Menu

أبناؤهم في التوجيهي.. رصاص الاحتلال يقتل حلم 5 عائلات 

أحمد زقوت

الضفة المحتلة _ خاص بوابة الهدف

يتذكّر والد الشهيد محمود السعدي في هذا اليوم ابنه الشهيد طالب الثانوية العامة محمود، عندما كان يروى حلم حياته بعد نجاحه بأنّه سيصبح محاميًا، لكنّ حقيقة الاحتلال العنصرية سبقت ذلك الحلم برصاصة قاتلة استقرت في بطنه أثناء توجهه لمدرسته لإكمال العام الدراسي الأخير في المرحلة المدرسيّة.

في مدرسة "فرحات حشاد" القاطنة على أطراف مخيم جنين، الذي كان الشهيد محمود طالبًا فيها، جدد رفاقه الطلاب حضوره في مقاعد الامتحانات بالرغم من غيابه، وذلك خلال تقديمهم اليوم أوّل امتحانات الثانوية العامة، وفاءً وحبًا له.

يروي عبد الجليل السعدي والد الشهيد لـ "بوابة الهدف"، تفاصيل عن ابنه بنبرةٍ مرتجفة، وثقلًا جاثمًا على قلبه، وبدمعةٍ حانية اشتياقًا وحزنًا عليه، قائلاً: "منذ طفولته التحق بالفنون المسرحية وأتقن التمثيل بشكلِ احترافي حتى وصل إلى مرحلة الثانوية العامة، فقرّر أنّ يوقّف شغفه وموهبته من أجل الاهتمام بدراسته وللتفوّق في هذه المرحلة الفاصلة في حياةٍ أي طالبٍ"، وفق تعبيره.

يكمل والده روايته: "نجلي محبًا للعلم ويطمح في الحصول على معدل مميز في الثانوية العامة لتحقيق حلمه وهو الالتحاق بالجامعة بتخصص المحاماة، لذلك كرّس وقته وحياته للدراسة والاستعداد للمرحلة الأهم في حياته والتي ننتظرها منذ زمنٍ أشد من الجمر".

ويشير السعدي إلى أنّه "منذ بداية العام الدراسي، الكل يحفزه من أجل الوصول لحمله وحلمنا بالتفوق والنجاح بالثانوية العامة، لكنّ سرعة الرصاصة كانت أسرع من تحقيق الحلم، وهتكت فرحة العائلة"، مؤكدًا أنّ "محمود لم يكن مسلحًا أو مطاردًا أو مقاومًا، ولم يستهدف قوات الاحتلال بالحجارة، وأصيب برصاصة متعمّدة وبشكلٍ مفاجئ دون ذنب بتاريخ 12/11/2022، وذلك بزعم أنّهم كانوا يطاردون مقاومًا في المنطقة".

ويُعقّب عبد الجليل: "تميّز محمود بكل الصفات الحسنة لذلك أحبه وقدّره كل من قابله وعرفه أو سمع عنه، كان نبض وروح البيت لأنّه الوحيد بين أربع شقيقات بعد وفاة شقيقه الطفل نتيجة المرض"، لافتًا إلى أنّ "روح محمود فاضت إلى علياء السماء وحصل على شهادته مبكرًا قبل وقتها مرتقيًا برصاص الاحتلال، لكنّ أثره الجميل والمشرق يُلازمنا".

وصباح اليوم، اعتقل الاحتلال طالب الثانوية العامة المقدسي "محمد رويضي" بعد مداهمة منزله في بلدة سلوان، وقبيل ذهابه إلى المدرسة لتقديم امتحانه الأول مثل الطلاب الآخرون.

الناطق باسم وزارة التربية والتعليم في الضفة الغربية، صادق الخضور، يُبيّن لنا العراقيل التي يضعها الاحتلال للحيلولة دون تقديم طلبة الثانوية العامة امتحاناتهم، بالقول، إنّ "الاحتلال الصهيوني يكثّف من استهدافه للمسيرة التعليميّة مع بدء اختبارات الطلبة من خلال وضع عراقيل عديدة لحرمان الطلبة من فرصة تقديم امتحانهم".

ويُضيف الخضور، في حديثٍ مع "الهدف"، أنّ "الاحتلال مارس العديد من الإجراءات لعرقلة أداء الامتحانات بدءً من اعتقال الطلبة ونصب الحواجز في جنوب نابلس وحوارة وبيتا وعدّة مناطق أخرى، إضافة لاقتحام المدارس وليس انتهاءً من منعه وصول مراقبين الامتحان أيضًا لمدارسهم المقرّرة بالضفة و القدس المحتلتين، وذلك للحيلولة دون سريان هذه الاختبارات بالشكل المطلوب والمقرّر سابقًا بحسب خطّة الوزارة".

ويُشير الخضور إلى أنّه "برغم كل ما يُمارسه الاحتلال ووضعه العراقيل والمعيقات، إلّا أنّنا نفخر بعقد هذه الامتحانات في الضفة المحتلة وقطاع غزّة والقدس والخارج بشكلٍ موحّد"، مشددًا أنّ "الاحتلال لا ينفك عن محاولة تحريف المنهاج الفلسطيني واستهدافه في مدينة القدس المحتلة، وذلك من خلال عدم ترخيص المدارس وتقديم مغريات للمدارس الخاصة لمحاولة أسرلة التعليم"، لافتًا إلى أنّ "بعض المراقبين لم يتمكنوا من الوصول للمدينة بسبب عراقيل الاحتلال التي وضعها".

ويؤكّد الخضور، أنّ هناك "ارتفاعًا ملموسًا في جرائم قتل طلبة المدارس من قبل الاحتلال بالفترة الأخيرة، فالاحتلال قتل هذا العام 5 طلاب من الثانوية العامة، واعتقل 30 طالبًا آخرين في سجونه حرمهم من تقديم الامتحان، وهذا استهداف واضح للمنهاج الفلسطيني والطلبة والمعلمين، ما يستلزم تدخلاً من المؤسّسات الأمميّة المختصة للجم الاحتلال".

ويوضّح الخضور، أنّ "الأسرى طلاب الثانوية يقدمون الامتحان داخل السجون من خلال لجنة مختصة من الوزارة وبالتعاون مع هيئة شؤون الأسرى والمحررين وآليتها لا نعلن عنها"، مؤكدًا أنّ "الاحتلال ينغّص على الطلبة داخل السجون أثناء تقديم الامتحانات، ويحاول خلق عوائق لمنعهم من تقديمه".

ويلفت الخضور، إلى أنّ "هذا العام أطلقنا الدورة على اسم الراحل محمد عواد الذي كان يتولى هذا الملف، وفاءً وتكريمًا له"، مبينًا أنّ "الوزارة تسعى جاهدة لتجاوز العراقيل والمعيقات التي يصنعها الاحتلال، بهمة معلمينا وإصرار أولياء الأمور والطلبة".

وتجدر الإشارة إلى أنّ خمسة طلبة تغيبوا اليوم عن امتحانات الثانويّة العامة في فلسطين، بعد أن منعهم رصاص الاحتلال الصهيوني بالضفة المحتلة من الذهاب للامتحانات، ليحصلوا على شهاداتهم مبكرًا وقبل الطلبة كافة.

ويُذكر أنّ 87 ألف طالب وطالبة توجهوا لأداء امتحان الثانوية العامة "توجيهي" 2023 في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.

شهداء.JPG